ميسلون- الجزائر
كتب: لزرق الحاج علي
لا يزال خبر رفض الميليشيات المسلحة دخول حكومة التوافق للعاصمة الليبية طرابلس يسيل الكثير من الحبر و قريبا سيسيل الكثير من الدماء، و هو ما لا يبشر بالخير في الأيام القادمة وسط تعنت الميليشيات و هي مدعومة بترسانتها العسكرية و تعنت حكومة التوافق و هي مدعومة بدعم و دفع دولي، قد يرى الكثيرون أن ما تقدم عليه حكمة التوافق هو انتحار لها كونها تفتقر إلى القوة العسكرية لفرض نفسها و لكن هذا الرأي مردود عليه و بشدة فكيف تكون هذه الحكومة تفتقر للقوة العسكرية و هي مدعومة من القوى الناهبة الكبرى.
حكومة ((التوافق)) الوطنية جدا جاءت برغبة أطراف أجنبية بل شريحة عريضة من أطراف الصراع الليبي ترفضها وتعلن الحرب عليها، ففايز السراج بمجرد ما كلف بتشكيل حكومة التوافق بعد مؤتمر الصخيرات قام بزيارة للفريق الأول ركن خليفة حفتر فيما يبدو تحالفا بين هيئة سياسية و أخرى عسكرية رغم النفي الشديد لأعضاء الحكومة بعلمهم بهذا اللقاء، فيما ذهب البعض غلى رفضهم و لكن كل هاذ لا يغير من حقيقة أن لهذين الرجلين نفس السيناريو و نفس الأجندة و بتالي سيجدان أنفسهما في نفس السياق، مما يجعل ميليشيات حفتر و حكومة السراج سيشكلان حلفا ضد الأطراف الأخرى .. فأين التوافق هنا ؟؟
يكفي أن تطلع على وثيقة الترشيح التي قدمها الإخوان المسلمون لنواب البرلمان لتدرك حقيقة انتماء شخصيات إخوانية كبيرة لحكومة التوافق و على رأسهم فايز السراج الرئيس نفسه وعفاف زريق و يونس فنوش، و بهذا تعتبر الخلطة قد اكتملت تمام الكمال، حكومة بتوافق إخواني ليبيرالي و دعم أمريكي و أوروبي واضح.
تعتبر القشة التي قصمت ظهر البعير قدوم حكومة التوافق من تونس إلى طرابلس على ظهر فرقاطات إيطالية، حسب ما يؤكده الكثير من الإخوة الليبيين، لا بل تأمين وصولها و مكان إقامتها في طرابلس تم بمعية القوات الخاصة الإيطالية، ثم لا ننسى فرنسا التي أكدت بشكل مريب على دعم حكومة التوافق بما يجعل رائحة صفقة تسليح تلوح في الأفق بما لا يدع مجالا للشك، خصوصا أن فرنسا لا زالت تعاني مع الجزائر التي ترفض شراء أسلحتها و تفضل الأسلحة الروسية عليها. يتضح من كل ما سبق أن الخلطة التي تحضر تجعل هذه الحكومة محل ريبة، ثم لا يجب أن نستغرب أنه في الأيام القادمة سيعقد مؤتمر إعادة إعمار و قروض من البنك الدولي، لكي يتم الزيادة في خنق ليبيا ماليا أكثر مما هي مخنوقة أمنيا.
جاء التوزيع المناطقي للوزارات في حكومة الوفاق الليبية على الشكل التالي:
إقليم طرابلس : وزارة المالية، التخطيط، الاقتصاد، المواصلات، الخارجية.
إقليم برقة : وزارة الداخلية، التعليم، العدل، العمل والشؤون الاجتماعية.
إقليم فزان : وزارة الدفاع، الصحة، الحكم المحلي.
يبدو و بكل وضوح أن الأزمة ذاهبة للتعمق، فكل الأطراف تدق طبول الحرب ضد بعضها، حكومة طرابلس الموازية بقيادة خليفة الغويل قامت بإغلاق المجال الجوي لطرابلس يومي الأحد والاثنين الماضيين لفترات أمتدت بضع ساعات في خطوة قال المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق إنها استهدفت منع سفر الحكومة إلى ليبيا، ناهيك عن سماع دوي انفجارات أعقبها إطلاق نار كثيف في العاصمة الليبية طرابلس، في الساعات الأولى من صباح الأربعاء. فيما عبر رئيس الوزراء بالحكومة الموازية في طرابلس ، في بيان في وقت متأخر الثلاثاء الماضي، إن المجال الجوي أغلق "حفاظا على أرواح الناس بسبب ممارسات غير لائقة من أعضاء المجلس الرئاسي".
فرغم كل شيء لا تزال قوى النهب الدولي تمارس العنتريات في فرض أجنداتها على الشعب الليبي بكل وقاحة، لكن ما يستحق الإهتمام فعلا هو تصريح بان كيمون بمحاسبة أي طرف يعرقل دخول حكومة التوافق إلى طرابلس بحثه من يعرقلون عودة مجلس الرئاسة إلى طرابلس على التعاون من أجل تسليم السلطة بشكل فوري ومنظم وسلمي، فشعب ليبيا يستحق حكومة قوية ومتحدة لإنهاء معاناته ولإعادة السلام والاستقرار. و هو تغير جذري من التعبير عن القلق إلى التلويح بالمحاسبة، و أكيد هو يقصد المحاسبة العسكرية بلا شك. وتحدث مبعوث الأمم المتحدة عن حكومة التوافق الذي لا يخفي أنها من صنيعة الهيئة التي يمثلها و ككل مرة لا بد من ذكر عبارة الانتقال الديموقراطي كنوع من الديكور اللازم لكل خطابات الناهب الدولي، فهل دولة تعيش الفوضى في أسمى صورها بحاجة لانتقال ديموقراطي أم بحاجة لقوة وطنية شريفة تفرض الأمن و تسحق الخونة بلونيها الليبيرالي و الإسلامي.
في الأخير ألم يحن الوقت لنا كعرب أن نلتفت و ندرك خطورة الوضع في ليبيا، أم أننا سنغمض أعيننا لغاية ما نحصل على عراق جديد ثم نبدأ اللطم و التباكي على ما ضيعناه بتجاهلنا و سكوتنا ؟! ... كل من موقعه يحب أن يمارس دوره في فضح هذه المؤامرة التي جاءت بها حكومة "حصان طروادة" والتفطن إلى ما يحاك ضد الأمة العربية في شقها الغربي، لان كل الدلائل تشير إلى أن الحجة للهجوم الغربي على ليبيا صارت متوافرة و هي حماية الحكومة العميلة الجديدة و تثبيتها و منها حجة لسحق ما تبقى من بؤر المقاومة ضد الهيمنة الإمبريالية.
الزيارات: 3630