خاص - ميسلون
يتسارع إيقاع الحياة في عاصمة الياسمين دمشق، وتغص ساحاتها بصور مرشحي مجلس الشعب، وتأخذ الخيم الانتخابية حيزا هاما في الأحياء الشامية العريقة في دلالة على استمرارية التقاليد الانتخابية في سورية ... ولأول مرة يرى عادل ابن الريف الحمصي المهجر على أيدي الإرهابيين إلى دمشق وهو يعمل كسائق أجرة هذه الكثافة في عدد المرشحين للانتخابات ويبرر ذلك بقوله" والله القصة صارت تحدي بين النور والظلام يا عميم"
يجتهد العم عادل في إيصال وجهة نظره، ويختصر مسالة الاستحقاق الدستوري الذي يشارك فيه حوالي العشرة آلاف مرشح وتشكل أضعاف عدد المرشحين في الانتخابات السابقة، ويقول " أتوقع أن نرى كثافة غير مسبوقة والجميع سينزل غالبا ليكرس مفهوم الدولة وليوجه رسالة بان الحرية هكذا تكون"
مثقف نهل من ينابيع الحياة فقط، هكذا وصف العم عادل نفسه فعند إشارة المرور أمام مبنى المحافظة توقف ونظر الى صورة احد المرشحين وضحك متابعا حديثه الصباحي " شوف هالمرشح وين معلق صورته على أعلى العامود منشان ما يجي حدى من المنافسين ويعلق صورته فوقها" و يعتقد العم عادل الذي كان يوما يملك مزرعة لتربية النحل في قريته الحصن التابعة لريف حمص والتي دخل إليها الإرهاب ودمرها وهجر سكانها
"إن المسالة ليست من هو المرشح كما يظنها البعض ولا يمكن اختصار القضية بسؤال هل سيخدمني هذا أم ذاك .. واختصر لك المسالة بأننا قادرون على إجراء انتخابات تحدد مصير بلدنا كما نحن نريد"
ندخل شارع العابد احد أقدم الأسواق الحضرية في دمشق والذي يجانب واحدا من أقدم البرلمانات في العالم العربي، ويعتبره الدمشقيون احد رموز ثورتهم ضد الانتداب الفرنسي بين عامي 1920 – 1946
فعند أسوار هذا البرلمان وفي صبيحة ألقى الجنود الفرنسيون "كتيبة السنغال" جثامين عناصر حامية البرلمان حين رفضوا أداء التحية للعلم الفرنسي، فيما تقدمت المدرعات و قصفت المبنى، ودخلت القوات الفرنسية إلى داخل المبنى وقتلت كل عناصر الحامية وبقرت بطونهم وشنّعت ومثّلت بأجسادهم وقطعت أطراف بعض الجنود في مشهد قد لا يختلف كثيرا عما يفعله عناصر تنظيم داعش الإرهابي في يومنا هذا.
وهو ما دعا العم عادل الذي لا يعرف التفاصيل التي قادت لحادثة البرلمان، لكن قصة المجزرة وقتل عناصر الشرطة راسخة في ذهنه إذ يعقّب على ذلك "والله يا استاذ كل الحروب على سورية سببها أننا شعب حر يعني قصة البرلمان بتشبه قصة الأزمة الراهنة"
فعندما رأى الغرب إن سورية تطورت في جميع مناحي الحياة بدؤوا بالحرب، والجميع يريد أن يتدخل ببلدنا مرّة حكومة انتقالية ومرّة دستور ..... الخ
ونحن نقول للعالم لا تتدخلوا بحياتنا" ويختم العم عادل حديثه " يعني هدول اللي بيسمو حالهن معارضة معتدلة كانو عم يضربو قذائف على منطقة البرلمان لو طلع بايدهن يقصفو البرلمان كمان ما كانو قصرو بذلك"
على مشارف شارع الشعلان المكتظ بحركة المارة والمتسوقين وعجقة صور المرشحين تقف السيارة حيث ودعني العم عادل بلهجته الحمصية "الله معك يا عميم" نعم لقد اختصر هذا الرجل الخمسيني معظم ما كنت ابحث عنه من رأي للشارع السوري فيما أكملت شعارات مرشحي مجلس الشعب المعلقة على جدران وأعمدة حي الشعلان بقية القصة، فجلّها يهتم بالجيش والشهداء وعوائهم
ويركز البعض على عملية الإصلاح ومحاربة الفساد والمصالحة الوطنية، فيما تقف صورة احد المرشحين بالطول الكامل مكتوب عليها " لنعمل بلا شعارات"
لا شك أن الأيام القليلة المتبقية التي تفصل السوريين عن اكبر استحقاق دستوري تحمل في طياتها انجازا سياسيا جديدا قد لا يقلّ أهمية عمّا تحقق على أيدي الجيش العربي السوري من انجازات.
الزيارات: 3239