"ميسلون"- سوريا - ربيع ديبه
وفق تقاليد المكر الإخونجي، خطط السلطان رجب أردوغان، ليتزامن إعلانه الاعتذار لموسكو عن إسقاط طائرة روسية وقتل قائدها غدرا، مع إطلاق هجمات إرهابية غير مسبوقة على مواقع الجيش السوري في اللاذقية وحلب، تتدرج بين مسعيين، أولهما ـ في الحد الأعلى ـ محاولة فصل ملف العلاقة التركية ـ الروسية عن الحرب السورية، على نحو ما كان قائما قبل الطعنة التركية في ظهر روسيا، وثانيهما ـ في الحد الأدنى ـ محاولة اللحظة الأخيرة لتعديل موازين القوى على الأرض؛ فاردوغان البراغماتي صاحب الاستدارات السريعة، يدرك أن ما سيتلو الاعتذار، مفاوضات حول الملف الرئيسي المشتعل مع الروس، أي الملف السوري؛ عندها، لا يعود ثمة مفر من اتفاق سياسي تريد أنقرة تحسين شروطه بالنار.
ريف اللاذقية
الساعات الأربع والعشرون التي تلت الاعتذار التركي لروسيا شهدت تصعيدا تركيا خطيرا عند الحدود حيث شنت ألوية السلطان عبد الحميد والفرقة الساحلية الثانية والجيش الإسلامي التركستاني هجوما واسعا على مواقع الجيش السوري في ريف اللاذقية الشمالي بالقرب من الحدود التركية حيث انطلقت هذه التنظيمات بهجوم هو الأعنف منذ بدء الحرب في محور ريف اللاذقية كما وصفه مصدر ميداني ل "ميسلون" حيث انطلقت مجموعات إرهابية من داخل الحدود التركية باتجاه الأراضي السورية عبر تسلل أكثر من ألفي مقاتل باتجاه معبر بداما واليونسية ومن ثم مهاجمة مواقع الجيش في منطقة نحشبا.
لكن ما يحمل التصعيد أن التنظيمات المهاجمة هي ذاتها التي قامت بقتل الطيار الروسي وأنقرة علنا منذ بداية التدخل الروسي كما تدعمها الأحزاب الطورانية التركية إضافة لذلك لا تنكر أنقرة تسليمها لشحنات سلاح نوعية لتلك التنظيمات الإرهابية.
التصعيد هذا يحمل مدلولا جغرافيا حيث انطلق الهجوم في ذات البقعة الجغرافية التي أسقطت فيها المقاتلة الروسية وتعلم أنقرة تمام العلم أن الجيش الروسي يمتلك قوات برية نخبوية ومراصد حساسة في محيط هذه المنطقة .الهجوم الإرهابي يحمل مدلولا أخر، فقبل إسقاط المقاتلة الروسية بأيام قليلة انطلقت ذات التنظيمات الإرهابية بأعداد كبيرة من داخل الأراضي التركية باتجاه ريف اللاذقية الشمالي ونفذت هجوما واسع على نقاط الجيش العربي السوري.وهنا تؤكد المعطيات أن الهجوم ليس عرضيا بل مخططا من قبل الأتراك ليكون بذات الفاعلية وذات الأداة.
الرد الروسي على هذا الهجوم كان الأعنف من نوعه فقد شنت المقاتلات الحربية الروسية غارات مكثفة على المواقع التي تقدمت إليها تلك التنظيمات في ريف اللاذقية الشمالي وساهمت في استعادة الجيش السوري لمواقعه التي خسرها لكن الرد القاسي كان عبر عودة الصواريخ المجنحة الروسية إلى ميدان المعركة هذه الصواريخ استخدمتها روسيا سابقا لتدمير التحصينات والبنى التحتية للإرهابيين أثناء "عاصفة السوخوي" الأولى فقد أكد مصدر روسي خاص " أن صاروخا بالستيا أطلقته روسيا أمس من إحدى غواصاتها في البحر المتوسط باتجاه تحصينات وأماكن تجمع تلك التنظيمات في ريف اللاذقية."
ريف حلب
وتزامن الاعتذار التركي لروسيا مع محاولة أنقرة التصعيد في ريف حلب والمدينة في محاولة لتلافي التهديد الروسي السوري بإنهاء وجود التنظيمات التركمانية والاخوانية وعلى رأسها النصرة " المعتدلة " . لذلك زودت السعودية بمساعدة تركية "التنظيمات المعتدلة" التابعة بأكثر من 100 صاروخ ارض جو عبر معبر اعزاز باتجاه حريتان وعندان وهو ما يحمل تصعيدا خطيرا بإمكان إسقاط أي مقاتلة روسية أو سورية.
الرد الروسي كان عبر تكثيف الغارات الجوية على مناطق تعتبرها أنقرة بالحساسة وتهدد بقاء اذرعها في سورية كحركة نور الدين الزنكي ولواء شهداء بدر وفيلق الشام واحرار الشام التابعة لها حيث تلقت تلك التنظيمات بعد الرسالة التركية لروسيا ضربات وصفت بالأعنف وخسرت أهم نقاط تمركزها ومعاقلها وقادتها الميدانيين اعترفت تلك التنظيمات بمقتل أكثر من 120 إرهابيا بينهم 12 قائدا ميدانيا بينما قامت المقاتلات الروسية بتوجيه أكثر من 90 غارة على مواقع تلك التنظيمات في حلب وريفها وهو ما يعتبر الأعلى منذ بدء التدخل الروسي في قطاع مدينة حلب وريفها.
الاعتذار التركي لم يلق أي صدى لدى حلفاء موسكو دمشق وطهران وحزب الله فقد وسعوا من نطاق العملية العسكرية لتشمل داريا في ريف دمشق والتي تعتبر المعقل المعتدل التابع لتركيا والسعودية ووجهت روسيا أيضا غارات مكثفة على تحصينات النصرة وحلفاءها في داريا ما مكن من تحقيق تقدم هام داخل المدينة كما يضيق الجيش العربي السوري أكثر فأكثر على التنظيمات الإرهابية كجيش الإسلام في الغوطة الشرقية
يبدو أن منطق القوة الضاربة الذي فرضه محور موسكو دمشق إيران حزب الله في الأيام الثلاثة الأخيرة مع كل من عصا من التنظيمات الإرهابية ولم يتنصل من النصرة ... غير قواعد اللعبة ودفع اردوغان إلى فتح درج مكتبه ورفع الرسالة البيضاء بوجه موسكو.. ويبدو انه من المبكر جدا الحديث عن استدارة تركية في العلاقات مع دمشق فمعطيات الميدان السوري تشير عكس ذلك.
2016.06.29
الزيارات: 4176