حمد سالم(*)
يصادف هذه الأيام ذكرى اغتيال المناضل الجزائري "محمد بو ضيا" الذي استشهد عام 1973 في العاصمة الفرنسية باريس، وهو الذي بدأ نضاله بالانخراط في صفوف الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي فانضمّ "لاتحادية جبهة التحرير الوطني في فرنسا" التي كانت تسعى لتحقيق عدة أهداف منها نقل الصراع إلى أراضي المستعمر لتفتح عليه جبهتين بدلا من الواحدة، وذلك لتخفيف الضغط على مناضلي الداخل، ودفع المغتربين من أبناء الجزائر في فرنسا للمساهمة في حركة التحرر الوطني لبلادهم، وضرب المراكز الصناعية والعسكرية للاستعمار الفرنسي في عقر داره، ليعاني حتى المدني شيئاً مما يعانيه الجزائري في بلده المحتل.
أشهر العمليات التي قام بها الشهيد "بو ضيا" ورفاقه في الأراضي الفرنسية، كانت تفجير القاعدة البترولية "موريبيان" في مرسيليا جنوب فرنسا العام 1958 التي ألحقت خسائر فادحة بالثروة النفطية التي كان ينهبها المستعمر الفرنسي من العرب ويستعملها في تدمير بلادهم، وقد أوقع التفجير الأمن الفرنسي في حرج بالغ بسبب انكشاف عجزه عن اكتشاف وإحباط عملية في أهم مواقعه الاقتصادية الحيوية .
بعد استقلال الجزائر، انخرط الشهيد "بو ضيا" في النضال العربي الفلسطيني بعد اتصاله بأقطاب المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسهم المناضل وديع حدّاد. فأصبح في مطلع السبعينات "قائد العمليات الخاصة للجبهة الشعبية في أوروبا" مكرّساً خبراته السابقة في خدمة النضال الفلسطيني، ونجح في مهمته الجديدة في تجنيد مناضلين أمميين لصالح القضية العربية ومنهم المناضل الفنزويلي إلييتش راميريز سانشيز الملقب بـ "كارلوس" الذي خلف "بو ضيا" في منصبه بعد استشهاده. وكانت أهمّ عملياته الناجحة في نشاطه الجديد، تفجير خط أنبوب بترولي يربط ما بين إيطاليا والنمسا عام 1972، ومشاركته في العام عينه في عملية ميونيخ التي سقط فيها 11 قتيلاً صهيونياً، لينفّذ بعدها الموساد سلسلة اغتيالات لمناضلين عرب انتقاماً، فقرر الشهيد توجيه آخر ضرباته الموجعة للعدو باغتيال ضابط المخابرات الصهيوني الأول في أوروبا "باروث كاهين" عام 1973 في أسبانيا، ليضع الصهاينة بعدها اسم "بو ضيا" على رأس قائمة المطلوبين. لم يمهله العدو طويلاً فزرع له عناصر الموساد بعدها بأشهر في باريس حيث يقيم لغماً أسفل مقعد سيارته انفجر فور ركوبه السيارة صباح 28 يونيو عام 1973 ليلحق بركب شهداء أمّة ما بخلت فلذات أكبادها يوماً عن تقديم دمائها قرابين في طريق التحرر من نيّر الاستعمار الجاثم على صدورنا جميعاً .
2016.06.29
----------------------------
(*) حمد سالم: كاتب من الجزيرة العربية.
الزيارات: 3438